خبراء: المخاوف من انتهاك الذكاء الاصطناعي حقوق الإنسان "مشروعة"
قالوا إنها تتطلب معالجة جادة
يشهد العصر الحالي تطورًا كبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي واستخدامه في العديد من المجالات، بدءًا من الطب والصناعة ووصولًا إلى الترفيه والتجارة.
ومنذ بداية ظهوره دافع المؤيدون عن استخدامه بعلة أنه يساعد البشرية على توفير الوقت والجهد وزيادة الإنتاجية.
ولكن، مع تزايد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بدأ المعارضون يشيرون إلى العديد من المخاطر التي يمكن أن يتسبب بها هذا التطور التكنولوجي.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من خطورة الذكاء الاصطناعي على الإنسانية، ووصفه بأنه "تهديد وجودي للبشرية، لا يقل عن الحرب النووية".
وجاء ذلك التحذير بعدما وجه عدد من الخبراء والعلماء نداءً للتحذير من خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي، وكان التحذير من إمكانية أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى عواقب وخيمة على المجتمعات والأفراد بصورة عامة، مؤكدين أن أي تقدم في هذا المجال يجب أن يتم بشكل مسؤول وفي إطار توافقي دولي.
وسط تطور هائل للذكاء الاصطناعي والخوف منه في الفترة الحالية، ظهرت تأييدات ومعارضة له شغلت الرأي العام العالمي، "جسور بوست" ناقشت خطاب غوتيريش وتحذيرات الأمم المتحدة مع خبراء دوليين.
أهم ما ورد في تحذيرات غوتيريش
تحدث الأمين العام للأمم المتحدة، بضرورة تفعيل مساهمة كل الأطراف المعنية، بما في ذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني، من أجل الحفاظ على السلام والأمن في العالم.
وأيّد المسؤول الأممي فكرة إنشاء وكالة دولية معنية بالذكاء الاصطناعي، على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقًا لمعطيات تقول إن التكنولوجيا الجديدة تتحرك بسرعة هائلة، وكذلك التهديدات التي تأتي معها، معتبرا أن أجراس الإنذار حول أحدث أشكالها -وهو الذكاء الاصطناعي التوليدي- تصم الآذان، وقال إنها أعلى صوتا من المطورين الذين صمموها.
وتحدث الأمين العام عن خطاب الكراهية على منصات التواصل الاجتماعي وعن كيفية مواجهته، وقال إن العالم يجب أن يواجه "الضرر الدولي البالغ" الناجم عن تفشي الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي.
وذكر غوتيريش أن القلق بشأن التهديد -الذي يشكله التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي التوليدي- يجب ألا يغيِّب الضرر الذي سببته التقنيات الرقمية التي تُمكِّن من نشر خطاب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة والمغلوطة، وأن المنصات الرقمية يساء استخدامها لتخريب العلم ونشر المعلومات المضللة والكراهية لمليارات الأشخاص، وإذكاء الصراع وتهديد الديمقراطية وحقوق الإنسان والإضرار بالصحة العامة وتقويض الجهود المناخية.
وأوضح الأمين العام أن مواجهة هذا التهديد الدولي الحاضر والجلي تتطلب عملا دوليا منسقا كي يكون الفضاء الرقمي أكثر أمنا وشمولا، ومن أجل حماية حقوق الإنسان.
سلاح ذو حدين
وقال الخبير الدولي بالذكاء الاصطناعي، خضر غليون، إن الذكاء الاصطناعي هو اللؤلؤة الرئيسية في تاج التكنولوجيا، وأمامنا الفرصة لنجعله يضيء طريقنا نحو مستقبل مشرق، أو نتركه يحمل في طياته مخاطر تعكر صفو تلك الرؤية، وعندما يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن الذكاء الاصطناعي بالمنزلة نفسها لخطر الحرب النووية، فإن ذلك يدعونا للوقوف والتأمل، نعم، الذكاء الاصطناعي يحمل في جعبته إمكانيات هائلة، ألم يكن يومًا ما حُلمًا أن تجري آلات ذكية تشخيصات طبية دقيقة، أو يُقدم الطلاب دروسًا تعليمية مُصممة خصيصًا لاحتياجاتهم؟
وأضاف “غليون” في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، مهم أن نعرف بأن الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية يمكن استخدامها لتحقيق الكثير من الإمكانيات الإيجابية مثل تحسين الرعاية الصحية، وتعزيز الكفاءة الطاقية، وتقليل الحوادث المرورية وغيرها ولكن، كما هو الحال مع أي تكنولوجيا قوية، يجب استخدامها بحذر ومع الوعي الكامل للتحديات الأخلاقية والقانونية والاقتصادية المحتملة، فهو كأغنية ساحرة تحملنا إلى عوالم مجهولة، يجب ألا ننسى أن تلك الآلات التي تحاكي ذكاء الإنسان قد تصبح يومًا ذراعًا تسعى لتجاوز سيطرتنا.
وأضاف، الآلة ليست أخلاقية، ولا تعرف الصواب من الخطأ، وهذا يجعلها سلاحًا ذا حدين يمكن استخدامه للخير أو للشر، فكرة إنشاء وكالة دولية معنية بالذكاء الاصطناعي تُشبه الشروق الذهبي لفجر جديد، ويمكن لهذه الوكالة أن تكون قلعة تحمي البشرية من التجاوزات، ومنبرًا للإلهام يُشجع على استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق تعزز الإنسانية وتحافظ على كرامتها.
خضر غليون
وعلق الخبير التقني بالذكاء الاصطناعي، بلال البخاري بقوله: "إننا نواجه حقًا مرحلة نمو غير مسبوقة في تاريخنا التكنولوجي، وفي العقود الأخيرة تحولت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من مفاهيم نظرية إلى أدوات عملية يعتمد عليها العديد من القطاعات بما في ذلك الإعلام والفن والصناعة والطب والتعليم وأكثر من ذلك، ولكن مع هذا التقدم الهائل ظهرت كذلك مخاوف ملموسة بشأن التهديد الذي قد يشكله الذكاء الاصطناعي لمستقبلنا.
وتابع البخاري في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، غوتيريش يشير إلى التهديدات الخطيرة التي تتراوح من الإلغاء المحتمل للقرار البشري، وصولاً إلى الاستخدام المسيء للمنصات الرقمية في تفشي الأكاذيب والكراهية على نطاق واسع، تلك المخاوف مشروعة وتتطلب معالجة جادة وحزما مجتمعيا.. المشكلة الرئيسية هي أن التكنولوجيا تتطور بمعدل أسرع بكثير من قدرتنا على فهم وتنظيم التداعيات الأخلاقية والاجتماعية لتلك التطورات، وفي حين تظهر تحديات قانونية أمام المشرعين عن مسألة الحقوق الفكرية، باعتبار هل يمكن اعتبار الإبداعات أو الابتكارات التي أنتجها الذكاء الاصطناعي ملكية للإنسان الذي برمجه أو للذكاء الاصطناعي نفسه.
بلال البخاري
وأضاف، وبشأن نشر المعلومات المضللة والكراهية، فتحديد المسؤولية في هذه الحالات يمثل تحدياً قانونياً كبيراً إذا كانت برامج الذكاء الاصطناعي هي التي تقوم بإنشاء أو نشر المعلومات المضللة، فمن يعتبر مسؤولاً عن ذلك؟ هل هو مطور البرمجيات، أم الشخص أو الكيان الذي يستخدم البرنامج، أم الذكاء الاصطناعي نفسه؟ مثل هذه الأسئلة تتطلب تشريعات جديدة وقوانين عصرية ونظاما قضائيا يتعامل مع الحوادث التي يمكن أن يسببها الذكاء الاصطناعي.
وشدد الخبير التقني على أن تحقيق هذا الهدف ليس بالأمر الهين في ظل التقدم السريع والطابع الحداثي للإنترنت، الذي يجعل من الرقابة والتنظيم تحدياً صعباً ومعقداً.